ایکنا

IQNA

فاجعةُ هدم قبور أئمّة البقيع (عليهم السلام) ذكرى يتجدّد سعيرُها كلّ عام

16:05 - May 10, 2022
رمز الخبر: 3485886
المدينة المنورة ـ إکنا: تمرّ علينا اليوم الثامن من شهر شوّال المعظّم ذكرى الجريمة النكراء، التي اقترفتها أيدي الطغمة الظالمة من أعداء ومبغضي أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) ومحبّيهم، بهدم مشاهد وقبور أئمّة الهدى(عليهم السلام) في البقيع الغرقد وانتهاك حرمتها وقدسيّتها.

ومقبرةُ البقيع الغرقد مثوى لعددٍ كبير من الصحابة وآل بيت النبيّ(ص) والمسلمين الآخرين، وفي طليعتهم الأئمّة الأربعة وهم: (الإمام الحسن بن علي الزكيّ، والإمام علي بن الحسين السجّاد، والإمام محمد بن علي الباقر، والإمام جعفر بن محمد الصادق -عليهم الصلاة والسلام-).

ويذكر لنا التاريخ أنّه نتيجة الحقد الدفين الذي هو امتدادٌ لحقد أسلافهم من الطغاة والخوارج الجهلاء، كانت هناك هجمتان بربريّتان لمحو آثار هذه البقعة الطاهرة.

الأولى: كانت عام (1220هـ / 1805م) وقد أعاد المسلمون بعد مجيء الدولة العثمانيّة بناءها على أحسن هيأةٍ من تبرّعاتهم، فبُنِيت القببُ والمساجد بشكلٍ فنيّ رائع، حيث عادت هذه القبور المقدّسة محطّ رحال المؤمنين.

ويقول أحدُ الرحّالة الإنجليز حين وصف المدينة المنوّرة بعد تعميرها، بأنّها تُشبه إسطنبول أو أيّ مدينةٍ أخرى من المدن الجميلة في العالم، وكان هذا في عام (1877 - 1878م).

الثانية: عام (1344هـ / 1925م) فقد عاودت تلك العصاباتُ هجومها مرّةً أخرى، فقاموا بتهديم المشاهد المقدّسة للأئمّة الأطهار(عليهم السلام) وأهل بيت رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، بعد تعريضها للإهانة والتحقير بفتوىً من وعّاظهم، فأصبح البقيعُ ذلك المزارُ المهيب قاعاً صفصفاً لا تكاد تعرف بوجود قبرٍ فيه فضلاً عن أن تعرفَ صاحبَه.

ويصف الرحّالةُ الغربيّ (ايلدون رتر) المدينةَ المنوّرة بعد الجريمة الثانية التي نفّذها الوهابيّون المجرمون عند استيلائهم على المدينة وقتلهم الآلاف من الأبرياء: "لقد هُدمت واختفت عن الأنظار القبابُ البيضاء التي كانت تدلّ على قبور آل البيت النبويّ.. وأصاب القبور الأُخَر نفسُ المصير فسُحقت وهُشّمت".

ويبقى البقيعُ جرحاً لم ولن يندمل مهما مرّت اﻷزمنةُ وتعاقبت الدهور.. ويبقى شاهداً ماثلاً للعيان يروي ظلامة قادةٍ هداةٍ اختارتهم السماءُ ليُخرِجوا البشريّة من الظلمات إلى النور، فحاربتهم خفافيشُ الكهوف الظلاميّة وأبالسةُ بني آدم، فعمدت إليهم تشريداً وتقتيلاً ولمزاراتهم تهديماً، ولكنّنا على يقينٍ أنّ كلّ جرحٍ بعد جرح البقيع يأبى أن يُسكنه وينسى مرارةَ ألمه، مهما كان شديد الوطأة وهكذا هو الحال اليوم.

وفي هذا الاطار، أرسل رئيس مركز النجف الأشرف للتأليف والتوثيق والنشر "الشيخ محمد ابراهيم الكرباسي" مقالاً بعنوان "تهديم البقيع بين علماء الجمهورية الاسلامية الايرانية وحوزة النجف الاشرف" الى وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا).

فیما یلي مقتطفات من نصّ المقال:

"قبل أن نبدأ بالحديث عن هذا الموضوع لابد أن نبين أن هذه الحادثة هزّت كيان الامة وأظهرت بشاعة هذه الفرقة التي لم تنسجم مع كل أخلاقيات المذاهب الاسلامية ومن الذين وقفوا ضد هذا الامر علماء الشيعة(رضوان الله عليهم) في إيران والعراق وسوف نذكر نموذجاً لاحدى الوثائق في هذا المجال ومن أراد التفصيل في مواقفهم فاليطلب كتاب موقف النجف الاشرف من الهجوم على المدينة المنورة الذي أصدره مركزنا مركز النجف الاشرف للتاليف والتوثيق والنشر الذي يحتوي على وثائق عديدة في هذا الموضوع
ولا بأس بالاشارة الى بعض هذه الوثائق فقد ذكرت الوثائق أن المدينة المنورة قد حوصرت، وقطع الماء والأرزاق عنها وقصفت بحيث أُجبر المؤذّن على النزول من المئذنة، كما تمّ هدم قبر سيد الشهداء حمزة، وقبر عبد الله بن العباس بالطائف".
فاجعةُ هدم قبور أئمّة البقيع (عليهم السلام) ذكرى يتجدّد سعيرُها كلّ عام
والظاهر أنّ هذه الحادثة جاءت بعد إعلان الملك الحسين بن علي خلافته على المسلمين حيث استشاط غضب الوهّابية، وقد كانت الطائف والمدينة تحت حكم الملك بعد أن أُخرج من مكة، فانتشر نبأ هذه الحادثة في الجرائد الرسميّة كما في جريدة الأوقات البغداديّة الصادرة باللغة الإنكليزيّة.

فارسل علماء طهران الى علماء النجف الاشرف وهم السيّد أبو الحسن الاصفهانيّ (قدس سره)، والشيخ عبد الكريم الزنجانيّ (قدس سره)، والسيّد محمد فيروزآباديّ (قدس سره)، والميرزا حسين النائينيّ (قدس سره) برقيّة يخبروهم بالمواقف المتخذة في ايران ويطلبون منهم اخذ مواقف في النجف الاشر فجاء فيها:

(على أثر فضائع الواقعة في المدينة الطيبة قام عموم المسلمين في ايران بموافقة الحكومة الإيرانية يوم السبت المصادف 16 صفر 1344 بالتعطل والتظاهر بالحزن والتأثير والمأمور والمقتضي من مقاماتكم المقدسة تأمرون عموم المسلمين في العراق وغيره ان يشتركون في ذلك وفي انظارنا اقدمات أخرى سوف نعرضها لمقاماتكم التوقيع علماء طهران).

وأجاب علماء النجف الاشرف:

(وصلتنا برقيتكم المشعرة عن المظاهرات الإسلامية في إيران بخصوص حادثة المدينة الطيبة وان من واجب تكاليف المسلمين كافة بذل النفس والنفيس في صيانة احترامات الأماكن المقدسة وسنقوم بالواجب آملين النجاح صورة إلى رئيس الوزراء بإيران).

هذا نموذج واحد للتفاعل ما بين علماء الجمهورية الاسلامية الايرانية وعلماء حوزة النجف الاشرف ومن اراد المزيد فاليطلب الكتاب الذي اصدره مركز النجف الاشرف للتاليف والتوثيق والنشر حول هذا الموضوع.

captcha